الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وأثرها على التنمية السياسية في فلسطين( 1993-2006

الملخص

عالجت الدراسة قضية تأثير حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح على موضوعة التنمية السياسية في فلسطين ( الضفة الغربية وقطاع غزة)، منذ عام 1993 وحتى عام 2006. وذلك من خلال زاويتين رئيسيَّتيْن تُعبِّران عن مضمون التنمية السياسية الفلسطينية. الزاوية الأولى تتعلق بدور حركة فتح في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ومساهمتها في التخلص منه. والزاوية الثانية تعالج قضية البناء الداخلي وما يتعلق به من مواضيع الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان وسيادة القانون وغيرها.

تناول الباحث في بداية الدراسة إرهاصات تشكيل حركة فتح، والدوافع والأسباب التي أدت إلى نشوء الحركة، والمراحل التي مرت بها، بدءاً من مرحلة التكوين في دول الخليج والكويت على وجه الخصوص، ثم الانتقال إلى الأردن والصراع الذي نشا بين الفصائل الفلسطينية وبين النظام الأردني، والذي كانت نتيجته إنهاء التواجد الفلسطيني ( المنظمات الفلسطينية ) ومن ضمنها حركة فتح في الأردن، ثم الانتقال إلى لبنان ومن بعدها تونس، وصولا إلى العودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة من بعد توقيع اتفاق اوسلو. وقد تم تناول الموضوع بصورة تاريخية ومضمون تحليلي لتوضيح مجمل التغيرات التي واكبت مسيرة حركة فتح على مدى أربعة عقود من عمرها. حيث تبين أن الخط الذي سارت عليه الحركة، اتخذ منحى انحداريا فيما يتعلق بأهدافها وفعاليتها. كما حمل العديد من التغيرات على صعيد فكرها ومبادئها العملية وتطبيقها على أرض الواقع، خلافا لما هو منصوص عليه في النظام الأساسي للحركة، ومبادئها المكتوبة.

كما تم بحث الأسس الفكرية لحركة فتح من خلال التطرق إلى موضوعة الفكر لدى الحركة، والتطرق إلى إشكالية وجود أو عدم وجود ايدولوجية لدى فتح، ومن ثم توضيح أهداف الحركة ووسائلها ومبادئها. ودراسة الفكر السياسي الفتحاوي والمراحل التي مر بها. وقد خلص الباحث إلى أن عدم امتلاك حركة فتح لأيدولوجيا واضحة، وتمتعها بعباءة فكرية فضفاضة، أدى إلى العديد من المشاكل والصعوبات التي حالت دون تحقيق الحركة لأهدافها التي تبنتها.

إضافة إلى ذلك، فقد تم تناول قضية العمل السياسي والعمل العسكري داخل الحركة، مع تركيز على العمل العسكري كونه الأكثر إثارة للجدل في هذه الفترة؛ وذلك من خلال طرح مفهوم الحركة للكفاح المسلح، ومدى انسجام سلوكياتها وممارساتها مع هذا المفهوم، والمراحل التي مر بها العمل المسلح، والتوافق بين العمل السياسي والعمل العسكري. وخلص الباحث إلى أن إخفاقات حركة فتح في التوفيق بين العمل السياسي والعمل العسكري، كانت أعلى من نجاحاتها.

كما جرى الحديث حول الأزمات التي تعيشها حركة فتح والمتمثلة في أزمة البرنامج والنخبة، ومشكلة الحركة في التوفيق بين كونها حركة تحرر وطني من جهة، وكونها حزب السلطة من جهة أخرى، كما تناولت الدراسة الأزمة بين القيادة التقليدية والجيل الشاب داخل الحركة، وأخيرا أزمة حركة فتح ومشكلتها مع الجمهور، مع محاولة التطرق إلى دور اللجنة المركزية في أزمة حركة فتح. وتبين أن العبء الأكبر من المسؤولية عن الخلل الذي أصاب الحركة في مختلف المجالات تتحمل مسؤوليته اللجنة المركزية كونها هي المسيطر الفعلي على شؤون الحركة.

ومن ثم تمت معالجة قضية حركة فتح والتنمية السياسية، من خلال محاولة دراسة تأثير الحركة على مختلف محددات ومعايير التنمية السياسية، التي تم تقسيمها إلى جزئين رئيسيَّيْن كما ذكرنا، الجزء الأول هو مساهمة الحركة في التخلص من الاحتلال، والجزء الأخر هو مساهمتها في قضايا الديمقراطية، والتعددية، وحقوق الإنسان، وغيرها من القضايا. كما تم التطرق إلى مشكلة تأثير الاحتلال على التنمية، وطبيعة هذا التأثير. وخلصت الدراسة في هذا الفصل إلى أن مساهمة حركة فتح في قضية التنمية السياسية، كانت أقل من السقف المتوقع، ويعود ذلك إلى عدة أسباب ذاتية وأخرى موضوعية.

كما تم مناقشة تأثير انتفاضة الأقصى على حركة فتح، وعلى القضية الفلسطينية بشكل عام، والتطرق إلى الانتخابات التشريعية الثانية، وانتخابات البرايمرز الداخلية، وطبيعة الموقف والسلوك الذي اتخذته الحركة في أعقاب هزيمتها في الانتخابات التشريعية، وتحولها إلى معارضة لأول مرة في تاريخها. وقد اتضح أن حركة فتح، وعلى الرغم من عظم الخسارة التي منيت بها، فإن ردة فعلها لم تكن بمستوى هذه الخسارة، وأن جهودها في مراجعة الذات وتقييمها، بقيت محدودة.

ومن أهم النتائج التي خرجت بها هذه الدراسة: أن مساهمة حركة فتح في تعزيز قضية التنمية السياسية لم يكن وفق الحجم المتوقع منها، سواء على مستوى مقاومة الاحتلال أو قضايا البناء الداخلي، ويعود ذلك لعدة أسباب ذاتية وموضوعية.

كما أن حركة فتح تعاني في الوقت الحالي من حالة لا توازن، وضياع في الهوية الذاتية، هذه الحالة إذا لم يتم معالجتها، فإن الحركة ستعاني مستقبلاً الكثير من المشاكل الأخرى بسببها.

ويرى الباحث أن حركة فتح عانت من مشكلة عدم التوفيق بين العمل السياسي والعسكري، في معظم مراحل مسيرتها، ولا زالت تعاني من هذه المشكلة حتى هذه الأيام، وقد أدت هذه الإشكالية إلى زيادة التعقيدات أمام حركة فتح لتحقيق تنمية سياسية فلسطينية.

ويعتقد الباحث أن الحل الأفضل لمعظم المشاكل التي تعاني منها حركة فتح، يتمثل في عقد المؤتمر السادس للحركة، الذي سيشكل أرضية صلبة تستطيع الحركة أن تنطلق منها في مواجهة التحديات التي تواجهها.

تجدر الإشارة هنا إلى أن حركة فتح على الرغم من عدم نجاحها في تحقيق الحرية الكاملة للشعب الفلسطيني، وعدم مقدرتها على التخلص من الاحتلال، سجلت العديد من الإنجازات على صعيد القضية الفلسطينية، أهمها بلورة الهوية الفلسطينية، وترسيخ الكيانية الفلسطينية في مواجهة المشاريع الصهيونية التي تهدف إلى إلغاء الكيان الفلسطيني.

النص الكامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق