الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

دور الحركة الطلابية في جامعة النجاح الوطنية في ترسيخ مفهوم المشاركة السياسية 1994- 2000

الملخص

تناولت الدراسة الحركة الطلابية الفلسطينية في جامعة النجاح الوطنية من حيث إمكانياتها للمساهمة في إحداث نقلة نوعية في التأسيس لمشاركة سياسية واسعة في صفوف المجتمع الفلسطيني، تبدأ هذه المهمة من أوساط الطلبة عبر توسيع مشاركتهم في الهموم العامة، وعدم اقتصار المشاركة على التصويت يوم الانتخابات، أو حضور مهرجان خطابي أو ندوة سياسية. دورهم يتعدى ذلك ليشمل تحديد السياسات التي تنتهجها إدارة الجامعة والحركة الطلابية وأصحاب العلاقة بمجمل مناحي الحياة الجامعية، والمشاركة في رسم السياسات الشبابية.

الطلبة الجامعيون عبارة عن شريحة متغلغلة في شرائح المجتمع المختلفة، ويأتون من بيئات اجتماعية وجغرافية مختلفة، وعليه فإن إحداث أي نجاح في مفاهيم المشاركة السياسية لدى الطلبة سينعكس مباشرة على الأوساط المجتمعية التي قدم منها الطلبة. وهذا ما يفسر تأثير الطلبة على مجتمعاتهم في مختلف أنحاء المعمورة في صنع التغيير المنشود. من هنا لا بد من تطوير قدرات الطلبة في فهم الهموم المجتمعية والتفاعل معها، إلى جانب الموضوعات الأكاديمية، ليكون لديهم القدرة والاستعداد في خدمة بيئتهم التي قدموا منها، كمقدمة للمساهمة في الجهد المشترك نحو بناء وطنهم ومجتمعهم الكبير.

الطلبة سرعان ما يتأثرون بالمجتمع ويؤثرون فيه، وذلك يعتمد على مستوى وعي ونضوج قادة العمل الطلابي. يعتبر الطلبة الطليعة المتعلمة والمثقفة لفئة الشباب، ويشكل الشباب أكثر من ثلث المجتمع الفلسطيني([1])، وبالتالي فإن إيمان الطلبة بضرورة المشاركة في الحياة السياسية الفلسطينية يعني مشاركة أكبر قطاع من قطاعات المجتمع في العملية السياسية.

لا يتحمل الطلبة وقيادة الحركة الطلابية وحدهم مسؤولية التراجع الذي حدث في مكانة وجذوة الحركة الطلابية في فلسطين، وإنما يعود هذا التراجع لعدة أسباب ساهم في إيجادها مجموعة من الأطراف في المجتمع الفلسطيني. يتحمل الطلبة جزءا من المسؤولية ويتحمل الجزء الآخر من المسؤولية مجموعة من المؤسسات. الجامعة تتحمل جزءا من المسؤولية بسبب العراقيل التي وضعتها أمام ممارسة الحركة الطلابية لأنشطتها وبرامجها ضمن رؤيتها وأولوياتها، كما أن التطورات السياسية التي شهدتها الساحة الفلسطينية أثرت بشكل ملموس على مختلف شرائح المجتمع بمن فيهم الطلبة، وربما هناك من يعتقد أن الحركة الطلابية شهدت تراجعا في أعقاب أوسلو، فيما يرى آخرون أن التراجع أصاب الحركة الطلابية الوطنية و العلمانية بسبب ارتباطها بقوى سياسية تبنت الأسلوب التفاوضي في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك خلافا للأدبيات التي اعتاد عليها الطلبة من تلك القوى السياسية، ومقابل ذلك شهدت الفترة ذاتها مدا وازدهارا في صفوف الحركة الطلابية الإسلامية كونها تبنت في تلك المرحلة شعار رفض ومقاومة الاتفاقات مع الاحتلال، كما أن الفصائل والأحزاب السياسية تتحمل هي الأخرى القدر الأكبر من تراجع الحركة الطلابية، وذلك نتيجة سياساتها في التعامل مع الطلبة كرأس حربة في المناكفات السياسية، وسعيها لتربية هؤلاء الطلبة تربية حزبية عمياء لا تشجع على قبول الآخر أو التعايش معه، خاصة بعد أوسلو.

لم تستطيع الحركة الطلابية ابتداع أساليب مبتكرة ومتطورة لمواجهة التغيرات التي شهدتها الساحة الطلابية، كما أن الظروف التي رافقت المرحلة لم تكن مواتية لتطور الحركة الطلابية خاصة فيما يتعلق بالتدخل السافر في أمورها الداخلية من عدة أطراف، سواء من قبل الفصائل والقوى السياسية، أو من الأجهزة الأمنية الفلسطينية وما مثلته المرحلة من صراعات واستقطاب لقادة العمل الطلابي من قبل الأجهزة المختلفة، كما أن إدارة الجامعة وجدت في تلك الظروف فرصة من أجل الحد من نفوذ وتدخلات الحركة الطلابية في القضايا العامة في الجامعة، وعمدت إلى الاستقواء بقيادات السلطة والفصائل للضغط على القيادات الطلابية، كما أنها سعت لاستمالة عدد من قيادات العمل الطلابي إلى جانبها مقابل تقديم بعض الامتيازات لهم.



[1] شباب فلسطين: واقع وأرقام، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، كانون أول 2001، ص23.


النص الكامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق