الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

الإطار القانوني القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة وأثره في التنمية السياسية منذ 1994 وحتى 2004

الملخص

على الرغم من أهميتهِ للعملية التنموية، إلاَّ أنهُ لم يرقى إلى تلك الأهمية في الأدبيات التنموية، إنهُ القانون. ونظراً لأهميته الشديدة ارتأته الدراسة موضوعا لها. فالإطار التنظيمي والمؤسساتي القائمة على القواعد والنظم (الممأسسة) ضرورية من أجل بناء الدولة وضمان كيانها. واسُتهلت الدراسة بالجانب النظري والمفاهيمي المتناول لعلاقة القانون بالتنمية، وطرحهِ للكثير من الجدل المفاهيمي حول عدة مصطلحات قانونية. وكانت خلاصة الفصل الأول أن الإطار القانوني بالغ الأهمية وضروري من أجل إنجاح العملية التنموية، وأنهُ من المستحيل أن تقوم للتنمية أياً كان نوعها قائمة بدون الإطار القانوني.

عنيت هذه الدراسة بالحالة الفلسطينية التي تسعى للبناء والتحرير، ولم تصل لهما بعد، إضافة إلى المناداة بالإصلاح دائماً وباستمرار من عدة أطراف فلسطينية. وكان سؤال الدراسة هل يُنجح الإطار القانوني القائم في مناطق الحكم الذاتي عملية التنمية السياسية؟ في سبيل الإجابة عن هذا السؤال انطلقت الدراسة من الاتفاقيات المرحلية، وتناولتها في الفصل الثاني وعرضتها على خمسة محاور، وخلاصة الفصل أن إعلان المبادئ أعطى الفلسطينيين حكم ذاتي بلا سيادة ضمن إطار الاتفاقيات المرحلية التي فرضت على الجانب الفلسطيني ترتيبات أمنية تشكل عائق أمام عملية التنمية السياسية. وازداد الأمر تعقيداً مع تغييب لمرتكزات حكم ديمقراطي من خلال المجلس المنتخب الذي يملك صلاحيات التنفيذ والتشريع معاً، وهو صاحب الولاية بموجب الاتفاقيات، أي أن الاتفاقيات غيبت مبدأ فصل السلطات الذي لا تقوم دولة ديمقراطية بدونهِ. ناهيك أن الاتفاقيات المرحلية تشكل إسفيناً يقطع بين الشعب الفلسطيني وتكامله السياسي. وأطبقت دولة الاحتلال الإسرائيلي الطوق على مناطق الحكم الذاتي من خلال الترتيبات الاقتصادية بين الجانبين، التي استخدمتها دولة الاحتلال كأداة لعرقلة الدمقرطة الفلسطينية. ناهيك عن المساعدات الدولية التي عملت على إخضاع القرار السياسي الفلسطيني لرغباتها.

لتنفيذ الالتزامات المترتبة على الجانب الفلسطيني سعى لسن القوانين اللازمة لذلك. وتناول الفصل الثالث أكثر هذه القوانين جوهرية خاصة أنها المؤطرة للتنمية السياسية. وانعكست الاتفاقيات بشكل ملحوظ على قانون الانتخابات، وقانون المطبوعات والنشر، ومشروع قانون الأحزاب. بينما انعكس الإرث السياسي لمنظمة التحرير بشكل ملحوظ على بقيتها. وبشكل عام امتازت جميع القوانين المتناولة بالمصطلحات الغامضة، والمبهمة، والمائعية، وإطلاق يد السلطة التنفيذية، وتقييد الحريات الأساسية.

أما الفصل الرابع للدراسة فتناول قضية مهمة أُهملت ولم تعطى الأهمية. وخلص الفصل إلى أن الثقافة القانونية الفلسطينية السائدة سائرة في اتجاهين: شخصنة القوانين والمؤسسات. وثقافة الاستهانة بالقانون، وعدم احترامهِ وانتهاكهِ سواء من قبل الأفراد أو القادة. وهكذا ثقافة لا تدعم الإطار القانوني، الذي هو بأمس الحاجة لقناعة الناس وإلى الاحترام والإجلال.

خلصت الدراسة في النهاية إلى أن الإطار القانوني في مناطق الحكم الذاتي المتمثل في: الاتفاقيات المرحلية، والتشريعات الفلسطينية الجديدة، والثقافة القانونية، يمثل عائقاً أمام عملية التنمية السياسية. وفي سبيل تفعيل الإطار القانوني لمناطق الحكم الذاتي أوصت الدراسة بما يلي:

أولاً: فيما يتعلق بالاتفاقيات المرحلية، التي من الصعب إلغاءُها، ارتأت الدراسة كسبيل لحل هذه الأزمة أن تحسن القيادة شروط وظروف التفاوض، وأن تتدارك الأخطاء التي وقعت فيها في ظل المفاوضات التي نجمت عنها إعلان المبادئ. وأن تتوفر الإرادة السياسية الجادة من أجل إيجاد اتفاق يسعى لإقامة دولة على أسس ديمقراطيةٍ، لا السعي لدولة فقط.


ثانياً: فيما يتعلق بالتشريعات الفلسطينية:

أ‌- ضرورة الابتعاد عن الشخصنة عند عملية سن القوانين، وخاصة القانون الأساسي، وهذا يتطلب إعادة صياغة بنودهِ بموضوعية.

ب‌- تحديد الفلسفة القانونية وفلسفة نظام الحكم المطلوب: فيجب أن يُعاد بناء القوانين على إحدى المدرستين (الانجلوسكسونية/اللاتينية)، وأن يحدد نظام الحكم المطلوب إما بالنظام البرلماني أو بالنظام الرئاسي. إضافة إلى مراجعة كاملة شاملة للقوانين المقرة وإعادة صياغتها بطريقة تناسب الفترة الانتقالية والوضع اللامستقر للمجتمع والقضية الفلسطينية، أي تكون تشريعات انتقالية إلى حين إقامة الدولة المستقلة .

ت‌- وفي سبيل ذلك يجب أن تفعل المؤسسات المجتمعية المعنية بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون نفسها تجاه إعادة صياغة هذه القوانين.

ثالثا: إعادة تشكيل الثقافة القانونية للمجتمع الفلسطيني، وزرع ثقافة الاحترام والإجلال للقانون. ويقع عبء هذه المسؤولية على النظام الحاكم، إلا أن المشكلة أن النظام الحاكم ذاته لا يحترم القانون.

رابعاً: إعادة فرض القانون بالقوة والإكراه، وهذا يتطلب إرادة سياسية جادة في ذلك، وإعادة تأهيل وتفعيل الأجهزة الأمنية.

النص الكامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق