الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

اعتماد الصحافة الحزبية الفلسطينية على الإشاعة وأثرها على التنمية السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة (حركتا فتح وحماس نموذجًا)

الملخص

تقليديًا، كان الاهتمام الفلسطيني مقتصرًا على مشروع التحرير وإقامة الدولة، وبشكل أدق، حول نمطية العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن في ظل مجموعة من التطورات أهمها تأسيس السلطة الفلسطينية، تشكلت لدى الفلسطيني اهتمامات أخرى يمكن إجمالها في تحقيق التنمية، وجزء واسع من هذه التنمية يتعلق بالمجال السياسي. في إطار هذا السعي أو المطالبة نظريًا وعمليًا بتحقيق التنمية السياسية، ظهرت عدة معوقات تحول دون استمرارية مشروع التنمية، ومن بينها غياب الاستقرار السياسي.

وفي ظل الاطلاع على مجمل العوامل المؤثرة سلبًا على حالة الاستقرار السياسي، تبين أن أحد أهم تلك العوامل يمكن تاطيره ضمن ما أسماه الباحث (الإشاعة في الصحافة الحزبية)، ومن هنا جاء اهتمام الباحث بهذه القضية، بحيث كانت دراسته محاولة للكشف عن شكل وطبيعة واتجاه العلاقة بين الإشاعة في الصحافة الحزبية الفلسطينية والاستقرار السياسي، ومن ثم التنمية السياسية، وهي علاقة تراكبية من حيث ترابط أكثر من عامل في إطار هذه العلاقة.

تأسيسًا على ذلك، فإن البحث ارتكز على فحص فرضية أساسية مؤداها أن: الإشاعة في الصحافة الحزبية الفلسطينية تؤثر سلبًا على التنمية السياسية في الضفة الغربية وقطاع، وذلك يتضح من جملة نقاط، أبرزها أن الإشاعة في الصحافة الحزبية تساعد على تفكيك المجتمع الفلسطيني، وتخلق البلبلة بين المواطنين، كما أن الإشاعة في الصحافة الحزبية توفر جوًا قاتمًا، وتجيش الخواطر، وتوتر الأوضاع الداخلية، وتنتج ثقافة عدائية تحوّل دون الحوار الوطني الفلسطيني، كون كل طرف يستخدمها لإضعاف الطرف الآخر، وتشويه صورته.

فحص الفرضية تطلب من الباحث تجزئة الدراسة إلى خمسة فصول، في الأول منها ناقش أهمية الدراسة وخلفيتها، وفرضياتها ومنهجها، إضافة إلى مناقشة أدبيات الدراسة. وفي ثاني فصول الدراسة، قدم الباحث تفصيلا مفاهيميا، للإشاعة، وأنواعها، وأهدافها، وأساليب تأثيرها، وعلاقتها بالصحافة، والرأي العام، والقرار السياسي، وليتم بعدها الانتقال إلى الفصل الثالث، الذي شمل تعريفًا للصحافة الحزبية الفلسطينية، مضمنًا ذلك نبذة عن أهدافها، وتاريخها، وعلاقتها مع الإشاعة.

والهدف من الفصليين السابقين، هو التأسيس لقاعدة نظرية، يتم عبرها تحويل المفاهيم المجردة إلى واقع إجرائي. وهو ما بدا واضحًا في الفصل الرابع الذي تخلله تحليل عينة من الصحافة الحزبية، اعتمادًا على نموذج علمي طوره الباحث، لقياس مصداقية الصحافة الحزبية ودورها في الانسجام الداخلي الفلسطيني، والذي جاء عبر تناول ثلاث قضايا كان للصحافة الحزبية دور مؤثر بها، وهي: الفساد في وزارات السلطة ومؤسساتها، وكذلك حكومة الوحدة الوطنية، والاقتتال الداخلي بين حركتي فتح وحماس.

أما الفصل الخامس والأخير من الدراسة، فتضمن تحليلاً للنتائج، التي أبرزها أن الصحافة الحزبية الفلسطينية، ممثلة بعينة الدراسة، لم تعر الكثير من الأهمية لمستلزمات توفير بيئة حيوية لمجتمع مدني نشط قادر على التقدم. بل أنها عملت على تأجيج الأوضاع الداخلية الفلسطينية، ورسخت الفرقة بين أطراف الحياة السياسية حول القواسم الوطنية المشتركة، عندما كثر اعتمادها على المعلومات والمعطيات المضللة والإشاعات.

كما أظهرت النتائج أن الصحافة الحزبية لعبت دورًا كبيرًا في توتير النفوس، وترويج العداء في المجتمع، كما ذهبت أبعد من ذلك، حين أضفت شرعية على الاقتتال، كمقدمة لتبريره وتسويغه، وهو ما عرقل إمكانية خلق جسد سياسي متناغم الأطراف، تعمل أجزاؤه وعناصره بانتظام وتعاون وتكامل، وفتحت الأبواب على مصراعيها أمام الفتنة لتفعل مفعولها في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأوصى الباحث في نهاية الدراسة الصحافة الحزبية الفلسطينية بجملة من الخطوات المتناسقة والمنتظمة للارتقاء في أدائها، وتحسين واقعها، وتصليب وضعها نحو الأفضل تدريجيًا، ومن هذه الخطوات، تحري الأمانة، والمصداقية، والشمول في نقل الأحداث، والابتعاد عن الإشاعات التي تربك المجتمع الفلسطيني، وتفكك أسس استقراره وتقدمه، والابتعاد عن استخدام المصطلحات السلبية، وتبني مبدأ المساءلة، بدلاً من التجريح والتخوين.

وأوصى الباحث كذلك بتوقيع الأحزاب السياسية الفلسطينية وثيقة مبادئ أو وثيقة شرف إعلامي، بما يسمح لاحقًا بإيجاد قانون ينظم عمل الصحافة الحزبية، ويحدد مهامها، بالإضافة إلى تنظيم دورات تدريبية للصحفيين العاملين في الصحافة الحزبية.

النص الكامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق